فصل: استيلاء طغرلبك على أذربيجان وعلى أرمينية والموصل.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مهادنة طغرلبك للقائم.

قد تقدم لنا شأن الغز واستيلائهم على خراسان من يد بني سبكتكين عاد اثنتين وثلاثين ثم استيلاء طغرلبك على أصبهان من يد ابن كالويه سنة اثنتين وأربعين ثم بعث السلطان طغرلبك أرسلان بن أخيه داود إلى بلاد فارس فافتتحها سنة اثنتين وأربعين واستلحم من كان بها من الديلم ونزل مدينة نسا وبعث إليه القائم بأمر الله بالخلع والألقاب وولاه على ما غلب عليه فبعث إليه طغرلبك بعشرة آلاف دينار وأعلاق نفيسة من الجواهر والثياب والطيب وإلى الحاشية بخمسة آلاف دينار وللوزير رئيس الرؤساء بألفين وحضروا العيد في سنة ثلاث وأربعين ببغداد فأمر الخليفة بالاحتفال في الزينة والمراكب والسلاح ثم سار الغز سنة أربع وأربعين إلى شيراز وبها الأمير أبو سعد أخو الملك الرحيم فقاتلهم وهزمهم كما نذكر في أخبارهم.

.استيلاء الملك الرحيم على البصرة من يد أخيه.

بعث الملك الرحيم سنة أربع وأربعين جيوشه إلى البصرة مع بصيرة البساسيري فحاصروا بها أخاه أبا علي وقاتلوا عسكره في السفن فهزموهم وملكوا عليهم دجلة والأنهر وجاء الملك الرحيم بالعسكر في البر واستأمن إليه قبائل ربيعة ومضر فأمهنم وملك البصرة وجاءته رسل الديلم بخوزستان بطاعتهم ومضى أخوه أبو علي إلى شط عمان وتحصن به فسار إليه الملك الرحيم وملك عليه شط عمان ولحق بعبادان وسار منها إلى أرجان ثم لحق بالسلطان طغرلبك بأصبهان فأكرمه وأصهر إليه وأقطع له وأنزله بقلعة من أعمال جرباذقان وولى الملك الرحيم وزيره البساسيري على البصرة وسار إلى الأهواز وأرسل منصور بن الحسين وهزارشب في تسليم أرجان وتستر فتسلمها واصطلحا وكان المقدم على أرجان فولاذ بن خسرو من الديلم فرجع إلى طاعة الملك الرحيم سنة خمس وأربعين.

.فتنة ابن أبي الشوك ثم طاعته.

كان سعدي بن أبي الشوك قد أعطى طاعته للسلطان طغرلبك بنواحي الري وسار في خدمته وبعثه سنة أربع وأربعين في العساكر إلى نواحي العراق فبلغ النعمانية وكثر عيثه وراسله ملد من بني عقيل قرابة قريش بن بدران في الاستظهار له على قريش ومهلهل أخي أبي الشوك فوعدهم فسار إليهم مهلهل وأوقع بهم على عكبرا فساروا إلى سعدى وشكوا إليه وهو على سامرا فسار وأوقع بعمه مهلهل وأسره وعاد إلى حلوان وهم الملك الرحيم بتجهيز العساكر إليه بحلوان واستقدم دبيس بن مزيد لذلك ثم عظمت الفتنة سنة خمس وأربعين ببغداد من أهل الكرخ وأهل السنة ودخلها طوائف من الأتراك وعم الشر واطرحت مراقبة السلطان وركب القواد لحسم العلة فقتلوا علويا من أهل الكرخ فنادت نساؤه بالويل فقاتلهم العامة وأضرم النار في الكرخ بعض الأتراك فاحترق جميعه ثم بعث القائم وسكن الأمر وكان مهلهل لما أسر سار ابنه بدر إلى طغرلبك وابن سعدي كان عنده رهينة وبعث إلى سعدي بإطلاق مهلهل عند ذلك فامتنع سعدي من ذلك وانتفض على طغرلبك وسار من همذان إلى حلوان وقاتلها فامتنعت عليه فكاتب الملك الرحيم بالطاعة ولحقه عساكر طغرلبك فهزموه ولحق ببعض القلاع هنالك وسار بدر في اتباعه إلى شهرزور ثم جاءه الخبر بأن جمعا من الأكراد والأتراك قد أفسدوا السابلة وأكثروا العيث فخرج إليهم البساسيري واتبعهم إلى البواريج وأوقع بالطوائف منهم واستباحهم وعبروا الزاب فلم يمكنه العود إليهم ونجوا.

.فتنة الأتراك.

وفي سنة ست وأربعين شغب الأتراك على وزير الملك الرحيم في مطالبة أرزاقهم واستعدوه عليه فلم يعدهم فشكوا من الديوان وانصرفوا مغضبين وباكروا من الغد لحصار دار الخليفة وحضر البساسيري واستكشف حال الوزير فلم يقف على خبر وكبست الدور في طلبه فكان ذلك وسيلة للأتراك في نهب دور الناس واجتمع أهل المحال لمنعهم ونهاهم الخليفة فلم ينتهوا فهم بالرحلة عن بغداد ثم ظهر الوزير وأنصفهم في أرزقهم فتمادوا على بغيهم عسفهم واشتد عيث الأكراد والأعراب في النواحي فخربت البلاد وتفرق أهلها وأغار أصحاب ابن بدران بالبرد وكبسوا حلل كامل بن محمد بن المسيب ونهبوها ونهبوا في جملتها ظهرا وأنعاما للبساسيري وانحل أمر الملك والسلطنة بالكلية.

.استيلاء طغرلبك على أذربيجان وعلى أرمينية والموصل.

سار طغرلبك سنة أربعين إلى أذربيجان فأطاعه صاحب قبرير أبو منصور وشهودان ابن محمد وخطب له ورهن ولده عنده ثم أطاعه صاحب جنده أبو الأسوار ثم تبايع سائر النواحي على الطاعة وأخذ رهنهم وسار إلى أرمينية فحاصر ملاذكرد وامتنعت عليه فخرب ما جاورها من البلاد وبعث إليه نصير الدولة بن مروان بالهدايا وقد كان دخل في طاعته من قبل وسار السلطان طغرلبك لغزو بلاد الروم واكتسحها إلى أن أردن الروم ورجع إلى أذربيجان ثم إلى الري وخطب له قريش بن بدران صاحب الموصل في جميع أعماله وزحف إلى الأنبار ففتحها ونهب ما فيها البساسيري فانتفض لذلك وسار في العساكر إلى الأنبار فاستعاده من يده.